Sunday, December 30, 2012

العرس" الديمقراطي"

هي ليلة زفافك ، من يجلس بجانبك ليست بنت الجيران التي تحبها منذ كان عمرك عشر سنوات ، من يجلس بجانبك هي بنت عمك أو بنت خالتك أو بنت واحدة صاحبة أمك أو واحد صاحب زوج أمك لا تتذكر بالتحديد من هي ، كل ما تعلمه هو أنه بمجرد وصول المأذون سوف ترتبط بفتاة لا تعلم عنها إلا القليل ، و ذلك القليل يجعلك تريد ألا تتزوجها. لكن ماذا حدث بالضبط لتجد نفسك في مثل هذا الموقف ؟

  • الحاجة : مش ناوي بقى تستقر كدة و تتجوز ؟
  •  جوز أمك : سيبك منه ده شاذ
  • الحاجة : طب كلام ما بيني و بينك كدة ، مش بتلعب بديلك ولا بتعط ؟
  • جوز أمك : بقوللك سيبك منه ده شاذ
  • الحاجة : ما إنت أصلك مركز في الحاجات التافهة زي مستقبلك و شغلك و سايب المهم ، ده نص دينك يا إبني حد يعترض على الدين ؟
  • جوز أمك : دين إيه بس ؟ إذا كان شاذ 
  • الحاجة : يا حاج خف على الواد شوية ، ده برضه في منعطف تاريخي ، و الواد لسة طالع من كلية كل العالم شهد إزاي درجاته كانت حلوة
  • جوز أمك : يا فرحة أمك بيك يا (...)
  • الحاجة (بتعيط) : يا إبني بقى عايزة أشوف أحفاد قبل ما أموت . 
  • جوز أمك : اتنيل إمشي من وشي خليت الولية تعيط.........يا شاذ 

(بعد فترة من الزمان)

تدخل بيتكم فتجد عدة أشخاص جالسين في الصالون

  • جوز أمك : إلتون جون*  ، تعالى أقعد الرجالة عايزينك فكلمة 
  • انت : سامو عليكو ، تعرفنا يا حاج ؟
  • جوز أمك : أبو أيمن البواب ، عم سمير بتاع الجرايد  ، عم مسعد** الحلاق ، الحاجة رضا اللي ساكنة فوش عم مسعد الحلاق ، و عم حنا الصايغ و عبد المنعم ، الشحات اللي بيقف عند الجامع ، و الصف اللي ورا ...
  • انت : خلاص أحاج مش لازم ، جايين ليه دول ؟
  • جوز أمك : إحنا قررنا إن إحنا نعمل كونسولتو عشان نجوزك 
  • انت : إيه ؟
  • جوز أمك : إحنا جمعنا كل الناس اللي إحنا واثقين فيهم في الحتة و مش حنطلع من القعدة ديه غير و إحنا جايبنلك عروسة
  • انت : بس أنا مش عايز أتجوز 
  • عم مسعد الحلاق : ليه بس ده ده الجواز حلو ، إسمع كلامي
  • انت : طيب لو عجبك حضرتك ممكن تجوز ، أنا مش عايز 
  • عم مسعد الحلاق : يا ريت بس الشارع مش محلل غير أربعة
  • انت : أه حاجة وحشة فعلا ، أنا مش عايز أتجوز يا حاج أنا عايز أركز فمستقبلي و شغلي
  • صوت من ورا : أستغفر الله 
  • جوز أمك : إتكلم يا شيخ شعبان
  • الشيخ شعبان : من أنتم حتى تحرموا ما أحله الله ؟
  • انت : و مين حرم حاجة بس؟
  • الشيخ شعبان : ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته ؟
  • انت : يا شيخنا لو إنت شيخ أصلا ، إيه علاقة إن أنا مش عايز أتجوز ب الحرام و الحلال 
  • الشيخ شعبان : إيه ؟ أااا  ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته ؟
  • انت : تاني ؟
  • جوز أمك : مش بقوللك شاذ يا عم الشيخ
  • الشيخ شعبان : لا حول و لا قوة إلا بالله ، هاتوله راجل
  • الشحات : الشذوذ أصلا حرام
  • انت : حياة خالتك ؟
  • الشحات : بنت أختي على فكرة تنفعك ، تعليم و ثقافة و أدب و جمال
  • جوز أمك : خريجة إيه ؟
  • الشحات : لا لسة بتدرس
  • جوز أمك : كلية إيه ؟
  • الشحات : لا تحت شوية 
  • جوز أمك : ثانوية عامة ولا أي جي ؟
  • الشحات : تحت سنس كمان
  • جوز أمك : إيه ؟
  • الشحات : تالتة إبتدائي
  • الشيخ شعبان : هاتولها راجل 
  • عم حنا : مينفعش كدة على فكرة يا جدعان ، إنتم قلتوا إن الواد شاذ و مطلعش شاذ أنا ماشي
  • أبو أيمن البواب : قشطة فحت ، أنا ح أنزل مكان عم حنا

(و تستمر المناقشات)

تعود من فضاء ذاكرتك ، إلى ضيق حاضرك ، و إلى ضيق رابطة عنقك ، و إلى ضيق عناق أمك طويل المدة المبالغ فيه ، تتركك كي تمسح قطرة الدموع التي تنصل على خدها الأيسر ، تلك القطرة التي تذكرك بدموع التماسيح التي تنهمر عندما تلتهم التماسيح فرائسها ، و تتذكر فريسة الحاجة التي تناولتها في الصباح ، تلك الفريسة المكونة من الفسيخ و البصل. و تعلم أن الحاجة لن تبكي بصدق في زواجك ، فهي تعلم أن زوج أمك أجبرك على الزواج ، لكنها بكت "عشان الغريب ما يلسنش علينا" .

يأتي الحاج ، و يصافحك و هو يترك مسافة بينك و بينه و كأنك شاذ بحق و حقيق ، و هو يعاني من هوموفبيا التنين. تجد صديقك منذ الطفولة أتيا عليك ، ف يعانقك بحرارة .

  • صديقك : تلك العروسة عملا ارهابيا. البقية تأتي
  • انت : أه هي تخينة ما أنا عارف
  • صديقك : تلك العروسة وصمة عار على جبين كل عربي. قضايانا تترابط أكثر فأكثر
  • انت : أيوة يا حبيبي ما أنا عارف إن وشها يقرف الكلب 
  • صديقك : البت بت خالتشي قنبلة موقوته فى غياب سياسات تعكس احتياجات الشعب و اولوياته. قوتنا فى عددنا.
  • انت : ما أنا قلتلك مليون مرة مش ح أتجوز بنت خالتك دي هي قنبلة فعلا بس مشيها بطال يا عم

ترى عم مسعد الحلاق و هو يدخل القاعة ، حاملا في يده نسخة من عقد الزواج ، و في يده الأخرى يتأبط ال'شيخ' شعبان ، تذكر كيف أنه و بعد بضعة أيام أو شهور أو سنوات فأنت تذكر و لا تتذكر ، تذكر كيف أنه و بعد فترة من المداولات إختار عم مسعد إبنته فكيهة كي تكون من يجلس اليوم بجانبك في الكوشة ، و كيف أنه و بعد اعتراض عدة من أصدقاء زوج أمك قال لهم "ماشي براحتكم ، بس كدة ح نضطر نيجي تاني نقعد بقى و كدة ، و إحنا ناس عندها مشاغل و الناس بدأت تزهق و تروح لعم مسعد الحلاق التاني*** اللي ف الشارع اللي ورا" فوافقوا على مضض ، ولا كأن هناك مستقبل أسرة بحالها يترتب على قرارهم هذا.

يأتي الشيخ شعبان ف يصافحك بحرارة و لا يصافح فكيهة مع إنها إبنة أخيه ، لأنه لا يصافح النساء مع أنها محرمة عليه و يسألها "جابولك راجل ؟" فترد "على حسب كلام حمايا ، مش راجل أوي يعني" ، يفتح ذلك الكتاب الكبير الذي أعطاه إليه مسعد ، يطلب موكلي العروسين فتأتي انت و عم مسعد والد العروس ، تعطي الشيخ بطاقتك. تردد كل ما يقوله لك بسلاسة ، ربما لأنك مغيب ، ربما بسبب ما أعطاك إياه زوج أمك ذلك الصباح من أموال و هدايا كي تطاوعه في الزواج ، أو ربما لأنك من فرط الصدمة فقدت شعورك بما يحدث من حولك .

تجلس على الكوشة ، زوجتك تتأبط  ذراعك فتذكر لعبة كان يلعبها معك زوج أمك السابق ، أو المخلوع كما تحب أن تسميه ، فعندما كنت ت"إنجاجه " و يدك في الخلف كان يقول لك "هأ هأ  إيد المرة ورا " فتضع يدك بسرعة في الأمام فيقول لك "هأ هأ إيد المدام قدام  " ، كان رجل ثقيل الظل.

يعلن ال"دي جي " عن فقرة الراقصة ، فتفكر كيف و أنك منذ دقيقة كنت تتزوج إمرأة ، و الآن سوف تأكل الجسد العاري لإمرأة أخرى بنظراتك ، و زوجتك جلسة بجانبك ، يلا أهي بجاحة ببجاحة .

قبل أن تنظر إلى الراقصة جيدا ، ترى الشيخ شعبان و هو ينظر لها نظرة الدب الخارج من البيات الشتوي لصباع محشي ، و تسمع إسمك ينادى فتلتفت لليمين و إذ به زوج أمك ، فيقول لك "بقولك إيه ، عايز يبقى فاضلها تكة و تطلع حامل " ، يغمز لك و يرحل قبل أن ترد عليه ب "أمال إحنا رايحين نلعب أونو ؟" .

تلف وجهك كي ترى الراقصة ، فتجدها حبيبتك تلك الفتاة ذات الوجه الملائكي الذي يبث نورا يوحي كل ما يقع عليه ، تلك الفتاة التي لم ترها من قبل ، لكنك أحببتها مئات المرات ، تلك الفتاة التي لم تحدثها من قبل لكنك تحدثت عنها مئات المرات ، تلك الفتاة التي لم تمس يدك من قبل ، لكنها مست قلبك مئات المرات ، تلك الفتاة التي لم تعرفها إلى من خلال أشعار نزار قباني و أحمد رامي ، تلك الفتاة التي لم تحب غيرها ، لا تحب غيرها ، و لن تحب غيرها .

السؤال ها هنا هو ، ماذا ستفعل إذا كنت انت في ذلك الموقف ؟



* سيبك منه ده شاذ
** كل الحلاقين إسمهم مسعد
*** كل الحلاقين إسمهم مسعد ، عشان كدة الحلاق التاني إسمه مسعد

Monday, November 26, 2012

أين أشلائي

يستخدم المصري الجرائد في كل ناحية من نواحي حياته اليومية ، ما عدا غرضها الأساسي ، حيث يلف إفطاره بورق الجرائد ، يستخدمه كمرله ، يحل الكلمات المتقاطعة ، يقرأ حظه اليوم ، و يحتمي بورق الجرائد من صقيع شتاء مصر برغم أن "الجو عندنا ربيع طول السنة " .و كل تلك أشياء طبيعية ليس لأن خليط لب الشجر و الألياف المعاد تصنيعها تعمل كعازل حراري أفضل من البولي يوريثاين و لكن لأن قيمة الصحافة في مصر انحدرت لتلك المنزلة . و لكن الاستخدام الأكثر شيوعا لورق الجرائد هو تغطية أشلاء الموتى .

فسواء أكان الفقيد طفلا بريئا كل ذنبه في الحياه أن أباه أدخله مدرسة يستدعي الوصول إليها عبور شريط قطر ، أو شابا أرعن يحاول أن يكسر بسيارته حاجز الصوت ، أو كهلا أراد عبور الطريق فأتاه ملك الموت متجسدا في صورة مشروع محطة فاقطوريا يشع منه تلوث سمعي و بصري و مهرجانات . أيا كنت فيهم ، إدعو الله أنه عندما تأتي ساعتك ، تكون بالقرب من كشك جرائد كي يستطيع المتجمهرون لم أشلائك .

الأشلاء ، الأشلاء هي كل ما تبقى . لا يوجد قانون في بلدك هذا ، يوجد فقط أشلاء قانون ، لا يوجد دستور ، فقط أشلاء دستور ، أشلاء مجلس تشريعي ، أشلاء شرطة و أشلاء شعب ، أشلاء حكومة لم تفعل شيئا منذ جاءت إلا لم أشلاء مواطنيها من هنا و هناك.مجرد أشلاء وطن .

قل لي ، سواء كنت مؤيدا أو كافر علماني ملحد ممول من أمريكا و إسرائيل و إيران و حماس ، أسف أخر إثنان كانوا في النظام السابق فالآن إيران و حماس صحابنا ، قل لي ما الاستفادة العائدة على مواطن بسيط من وضع إعلان دستوري ، يحصن أشلاء لجنة تأسيسية ، تدع أشلاء دستور مبني على أشلاء مباديء و أشلاء أسس أشلاء الشريعة الإسلامية ، يأتينا بأشلاء مجلس تشريعى كي يضع أشلاء قانون لن يعمل به أشلاء البشر المسمون مصريين . عذرا سيدي ، و لكن إذهب أنت و دستورك فقاتلا .

عن أي دستور تتحدث و أنت لا تستطيع السيطرة على ٩٠% من مساحة مصر ؟ عن أي دستور تتحدث و أبناء هذا الوطن يقتلوا كل يوم بهتانا على قضبان سكتك الحديدية و وراء حواجزك الخرسانية و البشرية المكونة من أبناء هذا الوطن أيضا ؟ عن أي نائب عام تتحدث و عن أي حق شهيد تتحدث و أنت من فعل عرض "هات طفلين مصريين و خد آيفون " ؟ 

بصراحة شديدة ، أنا حاليا لا أهتم بإعلان دستوري وضعه من ساعد مبارك و السادات و عبد الناصر من قبل في إطالة عمرهم الافتراضي ، و إن اختلفت الأسماء فالوصف واحد ، لأني أثق تمام الثقة أن مصر لا تحتاج دستور أو قانون ، مصر تحتاج إلى مدارس .

عابوكو كلكو 

Monday, September 10, 2012

غزل بنات

شباك قديم , في شقة قديمة , في مبنى اقدم . ودور ارضي جعلني اسمعه , بـزماميره الخارقة للآذان , واكياسه الملونة احمر , ازرق , وأبيض

رَجل يحمل عصى طويلة معلق بها تلك الاكياس , يرتدي بنطال ازرق وقميص أبيض دائما.

انتظره كل يوم , عندما تدق ساعة جدتي العتيق دقاتها العشر , أجري لأمي و ابكي “ماما ماما , عايز غزل بنات ” . عندئذ تخرج جدتي من حقيبتها السوداء بضعة قروش . أجري بها على ذلك الرَجل والقروش تتخبط ببعضها البعض , اقف عند قدم الرَجل وأقدم له مابيدي من قروش . ياخذها ويسألني ماهو اسمي , أجيبه بدون تردد.

دائما يسألني ذلك السؤال , وأنا دائما أجيب عليه بدون ملل . ثم يبدأ في النفخ في زماميره , يربت على راسي ويمشي , كل يوم منذ ان اتذكر.

لا ادري ماذا حدث , أتوقفت عن حب “غزل البنات” ام توقفت جدتي عن اعطائي القروش , لكن مااعلمه اني توقفت عن رؤيته يجوب الشارع.

لم يعد الشباك قديما , لم تعد الشقة قديمة فقد انتقلنا لأخرى , لم أعد اسكن في دور ارضي , لكن عند دق ساعة جدتي 
العتيقة دقاتها العشر , أكاد أسمع زماميره.


يحيى الهلال ، أو الصليب

تخيل معي الموقف الآتي ، شاب في أواخر العشرينات يحب شابة في نفس العمر تقريبا ، الاثنان من الطبقة الوسطى القادرة ، لا يوجد في ذلك المشهد ما يمنع زواجهم إلا تلك المعلومة الصغيرة التي غفلت عن ذكرها و هي أنه مسلم و هي مسيحية ، أيضا لا يوجد في ذلك المشهد ما يمنع زواجهما شرعا .

تخبر الشابة والديها أنها تحب فلانا فيخبراها أنه لا مشكلة في زواجهما بشرط أن يتنصر الشاب ، و يخبر الشاب والداه فيخبراه أنه لا مشكلة في زواجهما بشرط أن تسلم الشابة و أن "أمة مسلمة خير من أخرى مشركة" .تخبر الفتاة حبيبها ما حدث مع والديها و يخبرها هو ما حدث مع والديه فيقررا الاستحكام لرأي لجنة شعبية مكونة من الشيخ حسب الله و القسيس روفائيل و محمد منير ، يقول لهما حسب الله "حب أيه اللي انت جاي تقول عليه انت عارف يا حمار بعد الحب أيه" و يرد روفائيل قائلا "على حسب وداد قلبي يا بويا قولي للواد سلامات سلامات سلامات سلامات" و يصرخ الاثنان في صوت واحد يعيد إلى أذهانك ثورة 19 آخر مرة اتحد فيها هلال مع صليب قبل علم الوفد ،يصرخا  "حرام حرام حرام" ، فرد محمد منير قائلا "بيني و بينك فتنات و ينعدوا".

تظهر الجرائد اليوم التالي حاملة أخبار عن فتاوى تمنع زراعة شجر الليمون و شيوخ سلفيين يبيحون دم منير ، و شكوى للكنيسة من اضطهاد منير للأقباط و تحريضهم للإسلام بغنائه مدد يا رسول الله ، بعد "تطنيش" قوله أنشودة المسيح رسالة حرة .

هكذا هي مصر الآن ، منحصرة بين مآذن و قباب ، بين شقي الرحى المتمثلين في التقصير و التطويل من جانب و الوعيد و التهويل من جانب آخر ، تقصير البنطلون و تطويل الذقون ، وعيد من يمس الأقباط و تهويل من أسلمة حتى البلاط.

وترى الحب بين الهلال و الصليب ، بعد أن كان حبهما معا هو السائد ، سواء كان ذلك الحب هو حب فلان وفلانة المذكورين سلفا أو حب مصر إخوانا أقباطا علمانيين و سلفا .

لم تنته قصة حب الشاب و الشابة بعد أن أجبرها أباها على الهجرة لكندا ، لكن تتمتها تكمن في المستقبل البعيد عند عودة أقباط المهجر المحبين لبلادهم و إنطواء التيارات ال"متأسلمة" بعد توعية الشعب أن مصر مسلمة لا إسلامية .

عندها فقط يعود الحب .