هي ليلة زفافك ، من يجلس بجانبك ليست بنت الجيران التي تحبها منذ كان عمرك عشر سنوات ، من يجلس بجانبك هي بنت عمك أو بنت خالتك أو بنت واحدة صاحبة أمك أو واحد صاحب زوج أمك لا تتذكر بالتحديد من هي ، كل ما تعلمه هو أنه بمجرد وصول المأذون سوف ترتبط بفتاة لا تعلم عنها إلا القليل ، و ذلك القليل يجعلك تريد ألا تتزوجها. لكن ماذا حدث بالضبط لتجد نفسك في مثل هذا الموقف ؟
- الحاجة : مش ناوي بقى تستقر كدة و تتجوز ؟
- جوز أمك : سيبك منه ده شاذ
- الحاجة : طب كلام ما بيني و بينك كدة ، مش بتلعب بديلك ولا بتعط ؟
- جوز أمك : بقوللك سيبك منه ده شاذ
- الحاجة : ما إنت أصلك مركز في الحاجات التافهة زي مستقبلك و شغلك و سايب المهم ، ده نص دينك يا إبني حد يعترض على الدين ؟
- جوز أمك : دين إيه بس ؟ إذا كان شاذ
- الحاجة : يا حاج خف على الواد شوية ، ده برضه في منعطف تاريخي ، و الواد لسة طالع من كلية كل العالم شهد إزاي درجاته كانت حلوة
- جوز أمك : يا فرحة أمك بيك يا (...)
- الحاجة (بتعيط) : يا إبني بقى عايزة أشوف أحفاد قبل ما أموت .
- جوز أمك : اتنيل إمشي من وشي خليت الولية تعيط.........يا شاذ
(بعد فترة من الزمان)
تدخل بيتكم فتجد عدة أشخاص جالسين في الصالون
- جوز أمك : إلتون جون* ، تعالى أقعد الرجالة عايزينك فكلمة
- انت : سامو عليكو ، تعرفنا يا حاج ؟
- جوز أمك : أبو أيمن البواب ، عم سمير بتاع الجرايد ، عم مسعد** الحلاق ، الحاجة رضا اللي ساكنة فوش عم مسعد الحلاق ، و عم حنا الصايغ و عبد المنعم ، الشحات اللي بيقف عند الجامع ، و الصف اللي ورا ...
- انت : خلاص أحاج مش لازم ، جايين ليه دول ؟
- جوز أمك : إحنا قررنا إن إحنا نعمل كونسولتو عشان نجوزك
- انت : إيه ؟
- جوز أمك : إحنا جمعنا كل الناس اللي إحنا واثقين فيهم في الحتة و مش حنطلع من القعدة ديه غير و إحنا جايبنلك عروسة
- انت : بس أنا مش عايز أتجوز
- عم مسعد الحلاق : ليه بس ده ده الجواز حلو ، إسمع كلامي
- انت : طيب لو عجبك حضرتك ممكن تجوز ، أنا مش عايز
- عم مسعد الحلاق : يا ريت بس الشارع مش محلل غير أربعة
- انت : أه حاجة وحشة فعلا ، أنا مش عايز أتجوز يا حاج أنا عايز أركز فمستقبلي و شغلي
- صوت من ورا : أستغفر الله
- جوز أمك : إتكلم يا شيخ شعبان
- الشيخ شعبان : من أنتم حتى تحرموا ما أحله الله ؟
- انت : و مين حرم حاجة بس؟
- الشيخ شعبان : ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته ؟
- انت : يا شيخنا لو إنت شيخ أصلا ، إيه علاقة إن أنا مش عايز أتجوز ب الحرام و الحلال
- الشيخ شعبان : إيه ؟ أااا ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته ؟
- انت : تاني ؟
- جوز أمك : مش بقوللك شاذ يا عم الشيخ
- الشيخ شعبان : لا حول و لا قوة إلا بالله ، هاتوله راجل
- الشحات : الشذوذ أصلا حرام
- انت : حياة خالتك ؟
- الشحات : بنت أختي على فكرة تنفعك ، تعليم و ثقافة و أدب و جمال
- جوز أمك : خريجة إيه ؟
- الشحات : لا لسة بتدرس
- جوز أمك : كلية إيه ؟
- الشحات : لا تحت شوية
- جوز أمك : ثانوية عامة ولا أي جي ؟
- الشحات : تحت سنس كمان
- جوز أمك : إيه ؟
- الشحات : تالتة إبتدائي
- الشيخ شعبان : هاتولها راجل
- عم حنا : مينفعش كدة على فكرة يا جدعان ، إنتم قلتوا إن الواد شاذ و مطلعش شاذ أنا ماشي
- أبو أيمن البواب : قشطة فحت ، أنا ح أنزل مكان عم حنا
(و تستمر المناقشات)
تعود من فضاء ذاكرتك ، إلى ضيق حاضرك ، و إلى ضيق رابطة عنقك ، و إلى ضيق عناق أمك طويل المدة المبالغ فيه ، تتركك كي تمسح قطرة الدموع التي تنصل على خدها الأيسر ، تلك القطرة التي تذكرك بدموع التماسيح التي تنهمر عندما تلتهم التماسيح فرائسها ، و تتذكر فريسة الحاجة التي تناولتها في الصباح ، تلك الفريسة المكونة من الفسيخ و البصل. و تعلم أن الحاجة لن تبكي بصدق في زواجك ، فهي تعلم أن زوج أمك أجبرك على الزواج ، لكنها بكت "عشان الغريب ما يلسنش علينا" .
يأتي الحاج ، و يصافحك و هو يترك مسافة بينك و بينه و كأنك شاذ بحق و حقيق ، و هو يعاني من هوموفبيا التنين. تجد صديقك منذ الطفولة أتيا عليك ، ف يعانقك بحرارة .
- صديقك : تلك العروسة عملا ارهابيا. البقية تأتي
- انت : أه هي تخينة ما أنا عارف
- صديقك : تلك العروسة وصمة عار على جبين كل عربي. قضايانا تترابط أكثر فأكثر
- انت : أيوة يا حبيبي ما أنا عارف إن وشها يقرف الكلب
- صديقك : البت بت خالتشي قنبلة موقوته فى غياب سياسات تعكس احتياجات الشعب و اولوياته. قوتنا فى عددنا.
- انت : ما أنا قلتلك مليون مرة مش ح أتجوز بنت خالتك دي هي قنبلة فعلا بس مشيها بطال يا عم
ترى عم مسعد الحلاق و هو يدخل القاعة ، حاملا في يده نسخة من عقد الزواج ، و في يده الأخرى يتأبط ال'شيخ' شعبان ، تذكر كيف أنه و بعد بضعة أيام أو شهور أو سنوات فأنت تذكر و لا تتذكر ، تذكر كيف أنه و بعد فترة من المداولات إختار عم مسعد إبنته فكيهة كي تكون من يجلس اليوم بجانبك في الكوشة ، و كيف أنه و بعد اعتراض عدة من أصدقاء زوج أمك قال لهم "ماشي براحتكم ، بس كدة ح نضطر نيجي تاني نقعد بقى و كدة ، و إحنا ناس عندها مشاغل و الناس بدأت تزهق و تروح لعم مسعد الحلاق التاني*** اللي ف الشارع اللي ورا" فوافقوا على مضض ، ولا كأن هناك مستقبل أسرة بحالها يترتب على قرارهم هذا.
يأتي الشيخ شعبان ف يصافحك بحرارة و لا يصافح فكيهة مع إنها إبنة أخيه ، لأنه لا يصافح النساء مع أنها محرمة عليه و يسألها "جابولك راجل ؟" فترد "على حسب كلام حمايا ، مش راجل أوي يعني" ، يفتح ذلك الكتاب الكبير الذي أعطاه إليه مسعد ، يطلب موكلي العروسين فتأتي انت و عم مسعد والد العروس ، تعطي الشيخ بطاقتك. تردد كل ما يقوله لك بسلاسة ، ربما لأنك مغيب ، ربما بسبب ما أعطاك إياه زوج أمك ذلك الصباح من أموال و هدايا كي تطاوعه في الزواج ، أو ربما لأنك من فرط الصدمة فقدت شعورك بما يحدث من حولك .
تجلس على الكوشة ، زوجتك تتأبط ذراعك فتذكر لعبة كان يلعبها معك زوج أمك السابق ، أو المخلوع كما تحب أن تسميه ، فعندما كنت ت"إنجاجه " و يدك في الخلف كان يقول لك "هأ هأ إيد المرة ورا " فتضع يدك بسرعة في الأمام فيقول لك "هأ هأ إيد المدام قدام " ، كان رجل ثقيل الظل.
يعلن ال"دي جي " عن فقرة الراقصة ، فتفكر كيف و أنك منذ دقيقة كنت تتزوج إمرأة ، و الآن سوف تأكل الجسد العاري لإمرأة أخرى بنظراتك ، و زوجتك جلسة بجانبك ، يلا أهي بجاحة ببجاحة .
قبل أن تنظر إلى الراقصة جيدا ، ترى الشيخ شعبان و هو ينظر لها نظرة الدب الخارج من البيات الشتوي لصباع محشي ، و تسمع إسمك ينادى فتلتفت لليمين و إذ به زوج أمك ، فيقول لك "بقولك إيه ، عايز يبقى فاضلها تكة و تطلع حامل " ، يغمز لك و يرحل قبل أن ترد عليه ب "أمال إحنا رايحين نلعب أونو ؟" .
تلف وجهك كي ترى الراقصة ، فتجدها حبيبتك تلك الفتاة ذات الوجه الملائكي الذي يبث نورا يوحي كل ما يقع عليه ، تلك الفتاة التي لم ترها من قبل ، لكنك أحببتها مئات المرات ، تلك الفتاة التي لم تحدثها من قبل لكنك تحدثت عنها مئات المرات ، تلك الفتاة التي لم تمس يدك من قبل ، لكنها مست قلبك مئات المرات ، تلك الفتاة التي لم تعرفها إلى من خلال أشعار نزار قباني و أحمد رامي ، تلك الفتاة التي لم تحب غيرها ، لا تحب غيرها ، و لن تحب غيرها .
السؤال ها هنا هو ، ماذا ستفعل إذا كنت انت في ذلك الموقف ؟
* سيبك منه ده شاذ
** كل الحلاقين إسمهم مسعد
*** كل الحلاقين إسمهم مسعد ، عشان كدة الحلاق التاني إسمه مسعد