Monday, September 10, 2012

يحيى الهلال ، أو الصليب

تخيل معي الموقف الآتي ، شاب في أواخر العشرينات يحب شابة في نفس العمر تقريبا ، الاثنان من الطبقة الوسطى القادرة ، لا يوجد في ذلك المشهد ما يمنع زواجهم إلا تلك المعلومة الصغيرة التي غفلت عن ذكرها و هي أنه مسلم و هي مسيحية ، أيضا لا يوجد في ذلك المشهد ما يمنع زواجهما شرعا .

تخبر الشابة والديها أنها تحب فلانا فيخبراها أنه لا مشكلة في زواجهما بشرط أن يتنصر الشاب ، و يخبر الشاب والداه فيخبراه أنه لا مشكلة في زواجهما بشرط أن تسلم الشابة و أن "أمة مسلمة خير من أخرى مشركة" .تخبر الفتاة حبيبها ما حدث مع والديها و يخبرها هو ما حدث مع والديه فيقررا الاستحكام لرأي لجنة شعبية مكونة من الشيخ حسب الله و القسيس روفائيل و محمد منير ، يقول لهما حسب الله "حب أيه اللي انت جاي تقول عليه انت عارف يا حمار بعد الحب أيه" و يرد روفائيل قائلا "على حسب وداد قلبي يا بويا قولي للواد سلامات سلامات سلامات سلامات" و يصرخ الاثنان في صوت واحد يعيد إلى أذهانك ثورة 19 آخر مرة اتحد فيها هلال مع صليب قبل علم الوفد ،يصرخا  "حرام حرام حرام" ، فرد محمد منير قائلا "بيني و بينك فتنات و ينعدوا".

تظهر الجرائد اليوم التالي حاملة أخبار عن فتاوى تمنع زراعة شجر الليمون و شيوخ سلفيين يبيحون دم منير ، و شكوى للكنيسة من اضطهاد منير للأقباط و تحريضهم للإسلام بغنائه مدد يا رسول الله ، بعد "تطنيش" قوله أنشودة المسيح رسالة حرة .

هكذا هي مصر الآن ، منحصرة بين مآذن و قباب ، بين شقي الرحى المتمثلين في التقصير و التطويل من جانب و الوعيد و التهويل من جانب آخر ، تقصير البنطلون و تطويل الذقون ، وعيد من يمس الأقباط و تهويل من أسلمة حتى البلاط.

وترى الحب بين الهلال و الصليب ، بعد أن كان حبهما معا هو السائد ، سواء كان ذلك الحب هو حب فلان وفلانة المذكورين سلفا أو حب مصر إخوانا أقباطا علمانيين و سلفا .

لم تنته قصة حب الشاب و الشابة بعد أن أجبرها أباها على الهجرة لكندا ، لكن تتمتها تكمن في المستقبل البعيد عند عودة أقباط المهجر المحبين لبلادهم و إنطواء التيارات ال"متأسلمة" بعد توعية الشعب أن مصر مسلمة لا إسلامية .

عندها فقط يعود الحب .

No comments:

Post a Comment